تراجعت قيمة سهم مصرف “كريدي سويس” مجددا ظهر اليوم الجمعة، رغم الدعم المالي الهائل الذي أعلنه البنك المركزي السويسري الأربعاء، لإنعاش ثاني أكبر مصرف في البلد وطمأنة الأسواق.
وتراجعت قيمة سهم البنك عند الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش بنسبة 7,86%، ليبلغ سعره 1,863 فرنك سويسري.
وقال البنك أمس، إنه يعتزم اقتراض ما يعادل حوالي 54 مليار دولار من المصرف المركزي في سويسرا.
وقال البنك المتعثر إنه قرر اتخاذ “إجراءات حاسمة” بصورة استباقية لتعزيز السيولة النقدية لديه. في حين قالت الهيئات التنظيمية السويسرية إنها على استعداد لدعم المصرف “إذا لزم الأمر”، في ظلّ مخاوف من أزمة واسعة نتيجة انهيار مصرف سيليكون فالي الأمريكي.
وشهدت أسهم كريدي سويس هبوطاً قياسياً بنسبة 24 في المئة.
محاولات لتهدئة المخاوف
ويثير وضع البنك المتعثر قلق المستثمرين، بالإضافة إلى توجسهم الذي بدأ مع إفلاس المصرف الأمريكي.
سعى المصرف المركزي إلى جانب هيئة الإشراف على الأسواق المالية في سويسرا إلى تهدئة المخاوف.
وأصدر الطرفان بياناً مشتركاً جاء فيه: “ليس هناك مؤشرات على وجود خطر مباشر، من انتقال عدوى اضطرابات الأسواق المصرفية الأمريكية إلى المؤسسات السويسرية”.
وأشار البيان إلى قواعد صارمة تنطبق على المؤسسات المالية السويسرية “لضمان استقرارها” وإلى أن مصرف كريدي سويس “يلبي متطلبات البنوك التي تعتبر ذات أهمية نظامية”.
وأضاف أنه “إذا لزم الأمر، سيوفر المصرف المركزي السيولة” لبنك كريدي سويس.
وكانت المخاوف قد تسببت في ضغوط على الأسهم في جميع أنحاء العالم، وسجل مؤشر الأسهم المصرفية ستوكس يوروب تراجعا بنسبة 7 في المئة.
وتراجع مؤشر فوتسي 100 في بريطانيا بنسبة 3.8 في المئة، مسجلاً أكبر تراجع في يوم واحد منذ الأيام الأولى لجائحة كورونا في 2020.
وكذلك سجل مؤشر داكس الألماني تراجعاً بأكثر من 3 في المئة، وأقفل مؤشر كاك الفرنسي على تراجع بنسبة 3.5 في المئة تقريباً. وانخفض مؤشر إيبكس الإسباني أكثر من 4 في المئة.
أزمة عالمية
وتأثرت أسهم المصارف الصغيرة والكبيرة في الولايات المتحدة، ما ساهم في انخفاض مؤشر داو بنسبة 0.9 في المئة، بينما هبط موشر “ستاندردز أند بورز 500” بنسبة 7 في المئة.
كتب أندرو كنينغهام من شركة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث قائلاً إن “مشكلات كريدي سويس أثارت مرة أخرى التساؤلات حول ما إذا كانت هذه بداية أزمة عالمية جديدة أو مجرد حالة خاصة أخرى”.
وبدأت الاضطرابات في القطاع المصرفي الأمريكي الأسبوع الماضي مع انهيار بنك سيليكون فالي، المصنف في المركز السادس عشر ضمن أضخم المصارف في الولايات المتحدة.
وأغلق المصرف، المتخصص في إقراض شركات التكنولوجيا، الجمعة بأمر من هيئة الضبط الأمريكية، في عملية وصفت بأنها أكبر إفلاس لمصرف أمريكي منذ 2008.
وبعد إفلاس مصرف سيليكون فالي جاء دور مصرف سيغنيتشير في نيويورك، ليغلق أبوابه أيضا. وقد ضمنت هيئة الضبط الأمريكية جميع الودائع في المصرفين.
لكن المخاوف من إفلاس مصارف أخرى استمرت قائمة، وهو ما أدى إلى تذبذب التداول في أسهم المصارف، خلال الأسبوع.
وكتبت المديرة التنفيذية لشركة الاستثمار العملاقة “بلاك روك” في رسالة سنوية إلى المستثمرين إنه ما زال “من السابق جداً لأوانه معرفة مدى انتشار الضرر”.
وواجه مصرف “كريدي سويس” السويسري الذي تأسس عام 1856، سلسلة من الفضائح خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك تهم بغسل الأموال وقضايا أخرى.
وخسر المصرف أموالاً عام 2021 وعام 2022 الذي شهد أسوأ أزماته المصرفية منذ 2008، وقد تلقى تحذيرات بأنه قد لا يجني أرباحاً قبل عام 2024.
وتعرضت أسهم شركة “كريدي سويس” لضربة شديدة قبل هذا الأسبوع – مع انخفاض قيمتها بنحو الثلثين العام الماضي – نتيجة سحب العملاء للأموال، بما في ذلك 110 مليار فرنك سويسري (120 مليار دولار)، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022.
وشدّد مصرف كريدي سويس على أن وضعه المالي لا يشكل مصدر قلق، وقال رئيسه التنفيذي إن احتياطيات النقد “ما زالت قوية جداً”.
لكن الأسهم في المصرف أقفلت على انخفاض بنسبة 24 في المئة، بينما سارعت مصارف أخرى إلى خفض تعاملاتها معه.
ونقلت بلومبرغ عن مصرف “بي أن بي باريبا” أنه توقف عن قبول بعض الاتفاقات في حال كان كريدي سويس طرفاً فيها.
وقال مدير أسواق رأس المال في مصرف “بادر” الألماني، روبرت هالفر إن “هذه الأزمة المصرفية أتت من الولايات المتحدة، والآن يشاهد العالم كيف سيتسبب الأمر في مشاكل أيضاً في أوروبا”.
وتشير الانخفاضات في الأسهم إلى أن العديد من البنوك قد تتعرض لخسائر محتملة كبيرة.