دي زاد-نيوز/
لا يخفى عن أحد أن السياسة تدس خيشومها في كل قضية، ولا تتقاعس للتأثير فيها، ولذا فلا نستغرب إن وجدناها تلعب دورها في صياغة القرارات الكبرى التي تخص المنظومات التربوية في كل بلدان العالم قديما وحديثا. فالفاعل السياسي هو الذي يرسم ويحدد توجهات التربية في كل بلد استنادا إلى محددات تراعي ظروف الحقبة الزمنية وتحفظ القيم وتصون الثوابت وتحمي المقوّمات وتضع في الحسبان تنقية التقاليد والإرث التراثي من الشوائب ونقلها بأمانة إلى الأجيال المتعاقبة. ولا تتردد أن تفتح نوافذها على العوالم المحيطة بها سواء أكانت قريبة أو بعيدة، فتقتبس من خزانة ذخائرها ما تراه ناجعا ومفيدا، ولا يتعارض مع منحاها أو يتناقض مع مبتغاها.
رغم الالتحام الشديد الذي يجمع بين السياسة والتربية، إلا أنني لا أريد أن تطغى النظرة السياسية على قرار تدريس اللغة الإنجليزية في مدرستنا الابتدائية؛ لأن الانحباس في شرنقة هذه النظرة يفوّت علينا فرصة مناقشة الموضوع بكل امتداداته مناقشة زاخرة. وأما المقاربة التي أراها مناسبة للتطرق للموضوع وطرقه في هدوء فهي المقاربة التي تبقيه في إطاره التربوي المدرسي البحت. واعتماد مقاربات أخرى لن ينجينا من الوقوع في حبائل الفكروية “الإيديولوجيا” التي تحتدم في ساحتها السجالات والجدالات، وتتحوّل في كثير من الأحيان إلى صراع عصب تنشأ عنها عصبياتٌ تضيع في مشاحناتها الغايات ولو كانت سامية. ولعل الباب المؤدي إلى المدخل في هذه القضية هو المبالغة في تكرار مقولة: (إن اللغة الفرنسية هي غنيمة حرب) في كل مرة. وهي مقولة تتسبب في جرّ أذيال الخلافات بين المؤيدين والمعارضين، وتحصر المواقف في المناصرة أو المخالفة، وتجعل جل اللغط الكلامي الكثيف الذي يتناول هذا الموضوع يدور داخل إطار تجاذبي لا يخرج عن حدود المعية أو الضدية المعلنة أو الضدية المغلفة والمعبر عنها في احتشام مضموم في عبارات حبلى بالمجاملات لحفظ الودّ.