موريتانيا: جدل بشأن محاكمة الرئيس السابق وأركان حكمه

وسط إجراءات أمنية مشددة، وبالتزامن مع انطلاق الجلسة الأولى من اليوم الثاني من محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، والمشمولين معه في الملف المعروف محليا بـ”العشرية” في قصر العدل بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، تجمهر العشرات من أنصار الرئيس السابق، قرب باحة القصر، دعما ومؤازرة لمن أسموه “الرمز”.

ويشتبكون أحيانا مع قوات الأمن حين يتقدمون خطوات نحو القصر، ويرددون شعارات المساندة والدعم لولد عبد العزيز، مستعرضين بعض الإنجازات التي تحققت خلال فترة حكمه.

وتمثل النساء أغلبية المتجمهرين، لكن من من بين الحضور كان هناك سيدي ولد الشيخ، الذي حضر باكرا للتعبير عن رفضه لمحاكمة “أفضل رئيس في تاريخ موريتانيا”.

ويقول سيدي: “محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مجرد تصفية حسابات سياسية، وليست قانونية، يحاول النظام الحالي من خلالها، التغطية على فشله، وإلهاء الرأي العام. الطريقة التي تمت بها معاملته، غير لائقة، خاصة أنه حكم موريتانيا لمدة 10 سنوات، ولن تعرف البلاد رئيسا مثله.”

وكانت محاكمة المتهمين في ملف العشرية قد بدأت الأربعاء، وقد حضر 10 متهمين لوقائع الجلسات، فيما غاب ممثل عن هيئة الرحمة غير الحكومية، والمتهم محمد الأمين ولد بوبات الذي ذهب للعلاج إلى إسبانيا أواخر الشهر الماضي بحسب محاميه.

وقد لاقت المحاكمة تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بين المتفاعلين معها محمد محمود ولد إبراهيم الذي وصف ملف “العشرية” بأنه “الأكثر جدلا في تاريخ البلاد”.

ويقول محمد محمود: “من المهم أن يحاكم الرئيس السابق وأركان حكمه، حتى يكونوا عبرة للأنظمة القادمة، فلم تعرف موريتانيا خلال عشريتهم، سوى الركود، والنهب، والقمع”.

ويضيف محمد محمود: “محاكمة المتهمين بتبديد الأموال العمومية، ستحفظ للقضاء الموريتاني هيبته، وللدولة هيبتها، وننتظر محاكمة عادلة، بعيدا عن التسييس، كما يشاع”.

الجلسة الأولى من المحاكمة خصصت للنقاش حول المنظمات غير الحكومية التي تريد أن تكون طرفا في القضية، لكن المحكمة الجنائية أنهت اليوم الأول برفض طلب المنظمات، نظرا لعدم التأسيس القانوني.

وفي اليوم الثاني أثيرت قضية سجن المتهمين عشية المحاكمة، حيث انتهت دون حسم الموضوع، وهو أمر طبيعي خلال الجلسات الأولى، بحسب نقيب المحامين، إبراهيم ولد أبتي، رئيس الطرف المدني في محكمة العشرية.

ويقول ولد أبتي: “جلسات المحاكمة تسير على مايرام، ومن الطبيعي أن تكون في البداية موضع حالات عارضة، ونسعى كطرف مدني في هذه المحاكمة، لاستعادة الدولة للتعويض عن كافة الأضرار التى لحقت بها.”

سوء استغلال للسلطة، والثراء غير المشروع، من بين التهم التي يواجهها الرئيس الموريتاني السابق، لكن هيئة دفاعه التي تضم محامين من لبنان، والسنغال، وفرنسا، تصر على أن تلك التهم، مجرد تصفية حسابات سياسية.

ويقول رئيس الهيئة محمدن ولد اشدو: “من الصعب جدا أن تكون محاكمة عادلة لكثرة ما تمارسه السلطة من ضغط وتضليل عن طريق نيابتها وبوليسها ومحاميها المجندين مع النيابة باسم دفاع الدولة أو الطرف المدني رغم فقدانهم لأية صفة. وقد كلفها ذلك حتى الآن الوقوع في ارتكاب خطأ إصدار أوامر سرية وغيابية في غير أوانها قضت بحبس المتهمين بغير حق”.

ويضيف ولد اشدو: “موكلنا مريض. وقد ظلم ظلما آخر حين حبس حبسا انفراديا في مدرسة الشرطة في ظروف سيئة، بينما يوجد الآخرون في شقق مفروشة. وهذه المعاملة وحدها كافية للدلالة على أن المسألة برمتها تصفية حسابات سياسية ولا علاقة لها بمحاربة الفساد ولا القانون ولا العدالة”.

وقائع الجلسات، شهدت خلال اليومين الأول والثاني، حضورا معتبرا من عائلات المتهمين، والإعلاميين، وسط إجراءات أمنية مشددة، وخاصة على الإعلاميين.

الإعلامي الربيع ولد إدومو حضر وقائع الجلسات، وقد أبدى امتعاضه من بعض الإجراءات.

ويقول الربيع: “سجلت عوائق فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية للمحاكمة، عبر منعهم من هواتفهم، وغياب أي توثيق رسمي معلن للمحكامة، وبطبيعة الحال لا يتيسر للكثيرين حضور وقائع المحاكمة، التي يفرض القانون أن تكون علنية، وبشكل عام تم تسهيل دخول العديد من وسائل الإعلام الدولية، والمحلية، لقاعة المحكمة.”

جلسات المحاكمة رفعت حتى الاثنين القادم، لمدة 3 أيام، على أن يستمر ذلك كل أسبوع، حتى تنتهي وقائعها التي يتوقع أن تستمر أياما، أو أكثر من 3 أسابيع.

محمد ولد عبد العزيزموريتانيا