لم تخف وسائل الإعلام العبرية حالة الغضب الشديد التي تنتاب الجنود والضباط الإسرائيليين، بسبب تمديد العمل بإعفاء أبناء التيار المتشدد دينيًّا “الحريديم” من أداء الخدمة العسكرية.
وصوّت الكنيست الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، بأغلبية 63 نائبًا ومعارضة 57 على قانون يعود للكنيست الماضي، يتيح تمديد إعفاء المتشددين دينيًا من الخدمة العسكرية؛ مما يثير حفيظة المجتمع العلماني الذي يرى أن الأمر يعني عدم المساواة في الأعباء.
استمرار إعفاء الحريديم في ظل نقص الجنود، أثار حفيظة المعارضة الإسرائيلية التي صفقت لوزير الدفاع يوآف غالانت، عندما لم يلتزم بموقف حزبه “الليكود” وصوّت ضد القانون، فيما يطالب نواب من “الليكود” الآن بإقالته.
استعداد للموت على الالتحاق بالجيش
إلا أن تمرير قانون من هذا النوع يأتي في وقت يهدد فيه ممثلو الأحزاب الحريدية بإسقاط الحكومة لو أجبر شبان التيار “الحريديم” على الالتحاق بالجيش، فيما لم تخل تظاهرات الحريديم السابقة من لافتات تنص على أنهم على استعداد للموت بدلًا من الالتحاق بالجيش وهجر دراسة التوراة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الليلة الماضية، عن ضابط بالاحتياط يدعى رونئيل عاداني، أن التصويت لصالح إعفاء الحريديم أصابه بالإحباط، وقال إنه “يشعر أنه يدفع حياته لصالح من هم في السلطة وأصبحوا رهينة للأحزاب السياسية الائتلافية”.
وشن هجومًا حادًا ضد الحكومة، وقال “إن لديه شعورا لا يحتمل بالخيانة من جانب السلطة، والتي تنظر إلى قوات الاحتياط على أنهم مرتزقة”.
ومضى قائلًا: “نحن في نظرهم (الحكومة) لسنا شعبا لديه جيش ودولة تحميه”، مضيفًا: “استيقظنا هذا الصباح لنجد السلطة غرست لنا سكينًا في الظهر”.
فرصة للاختيار
ونقلت الصحيفة عن ضابط احتياط آخر يدعى رافي أرليخ، يحارب في غزة منذ 160 يوما، أن الكنيست والحكومة “تركا للحريديم الفرصة لاختيار التجنيد أو عدمه، أما الاحتياط فإن عليهم الاستجابة لأوامر الاستدعاء في جميع الحالات”.
وأضاف أن هناك أشخاصا ضحوا بكل شيء على الرغم من الشعور السيئ لديهم، وأن على الحكومة أن تصادق على تجنيد الحريديم، قائلا: إنه يعرف “حريديم يرغبون بالالتحاق بالجيش”.
وتابع أن ساسة إسرائيل “لا يدركون أن الجنود يريدون الحريديم إلى جوارهم، ليس فقط لأنهم في حاجة إليهم في الحرب، ولكن لأنهم جيدون وأخوة لنا ويتعين عليهم المشاركة”، على حد قوله.
عجز ملحوظ
وتجدر الإشارة إلى أن التصويت لصالح القانون جاء بالتزامن مع تحذير أطلقه رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، بأن هناك نقصا حادا في الموارد البشرية، وذكر أن الجيش لا يمتلك الكتائب الكافية لتنفيذ كل مهماته، وأن هناك عجزا يبلغ 4500 جندي بما يعادل فرقة.
وكانت لجنة رقابة الدولة التابعة للكنيست قد حذرت في وقت سابق من استمرار إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وحذرت من عدم المساواة في الأعباء، ورأى رئيس اللجنة النائب ميكي ليفي، إن الجيش ربما أصبح في خطر ولا يعبر عن جميع قطاعات الشعب الإسرائيلي.
ونشرت صحيفة “معاريف” مطلع الشهر الجاري استطلاعًا للرأي، أظهر أن 74% من الإسرائيليين يرفضون استمرار إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، فيما يرى 65% أن ظلما كبيرا واقع على الجنود النظاميين والاحتياط الذين يقاتلون في غزة منذ 8 أشهر.